نشرت في .May 23, 2016

بعد النهاية الدامية لأحداث التمرد في سجن صيدنايا في العام 2009 تم نقلي أنا ومجموعة من السجناء إلى السجن الأبيض أو سجن الضباط (وهو البناء الثاني في صيدنايا مخصص لتوقيف الضباط وصف الضباط والعسكر الذين تتم محاكمتهم أمام القضاء العسكري) وبعد حوالي السنة -تحديداً في بداية العام 2010- نُقلتُ إلى مهجع المرفهين حيث التلفزيون والراديو والماء الساخن والفواتير من البقالية والصيدلية.

التقيت هناك بشخص اسمه نضال المغربي مساعد أول في البحرية السورية من قرية بسنديانة التابعة لمدينة جبلة جنوب اللاذقية بـ 25 كيلو متر.

نضال المغربي أو أبو حيدر -كما كان يحب أن ينادى- مدرب كاراتيه نال بطولة الجيش العربي السوري في العام 2003 وشارك في عدة بطولات عسكرية على مستوى آسيا مثل خلالها سوريا في اللعبة المذكورة، كما أنه سباح ماهر كونه ابن بحر كما يقول والسباحة تجري في دمه.

 

تهمة نضال هي تشكيل عصابة مسلحة، قطع طريق، السطو تحت تهديد السلاح والشروع بالقتل، والقصة كما يرويها بكل بساطة بأنه شارك مع مجموعة من رفاقه بتشليح سيارة تابعة لشركة الأهلية للنقل، كانت تحمل حوالات مالية من مدينة حماة إلى العاصمة دمشق بقيمة 70 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل 1.4 مليون دولار حسب سعر الصرف يومها.
أوقف أبو حيدرالسيارة بقوة السلاح، أنزل السائق، وبضربة واحدة على رأسه أفقده الوعي. كان هناك شخصان في السيارة أحدهما مسلح والآخر لاذ بالفرار، لم يرِد أبو حيدر اذيّه المسلح، لكنه قاوم وأشهر المسدس بوجهه هنا "طرش الدم" من رأس أبو حيدر كيف لصعلوك أن يشهر مسدس في وجهه؟، لكنه إنسان ذو قلب طيب، فأطلق النار على ركبة الرجل. لم يريد قتله "ربما كان برقبته عائلة" بحسب تعبير أبو حيدر، أراد أن يسبب له عاهة تلازمه طوال عمره ليعلمه كيف يكون رفع السلاح بوجه الشبيحة.

تشاء الأقدار أن يصل صاحب شركة الأهلية إلى العميد علي مملوك رئيس فرع أمن الدولة (لم يكن قد ترفع يومها وأصبح لواء) يشكي له حاله، ويطلب منه حل القصة وإعادة ما يمكن اعادته من المبلغ المسروق، بالفعل تم إلقاء القبض على جميع من شارك في العملية من الموظف في شركة الأهلية المتواطئ مع العصابة إلى مراقبي الطريق إلى العقيد في البحرية السورية الذي وفر غطاء للعملية بكاملها.


حصة صديقي أبو حيدر من العملية كانت 8 ملايين ليرة سورية، 160 ألف دولار بحسب سعر الصرف في تلك الأيام، لم يقبض منها قرشاً واحداً بحسب الأيمان المغلظة التي كان يحلفها، فالمبلغ تم تقاسمه بين العقيد في البحرية وضابط مقدم في فرع الأمن العسكري في اللاذقية، وفر الحماية الأمنية للعملية، عندما طالب بحقه من المال قالوا له "المعلم سوف يعوضها لك بعملية أخرى".
صديقي أبو حيدر كان يستنكر سجنه معنا، وكان يقول لإدارة السجن ماذا فعلت حتى تضعوني مع التكفيريين وأعداء الوطن، بل أكثر من ذلك، كان أبو حيدر يستنكر سجنه من الأساس وكان يقول بأنه لم يفعل شيئاً يستحق السجن، ويترحم على القائد الخالد حافظ الأسد “بو باسيل” ويقول بأنه لو كان حياً لما بقيت في السجن دقيقة واحدة، كما أنه كان يتحسر على أيام العميم (كما يسميه) رفعت الأسد فلو كان موجود هو ايضاً، لما كان لهذه الصيصان أن تضع القيد في معصميه.

أبو حيدر مقتنع تماماً أنه على حق، وأن الدولة السورية هي ملك مباح لهم، وبأنهم (الشبيحة) لهم فضل على بشار الأسد شخصياً، فلولا دعمهم له لما تقلّد الحكم في سوريا، لكن عشمهم خاب فيه، فكيف يسمح لنفسه بزجهم في السجون من أجل أشياء تافهة.


اليوم يتزعم أبو حيدر مجموعة من شبيحة الدفاع الوطني في مدينة اللاذقية تشارك مع جيش النظام في العمليات العسكرية القذرة، وبحسب بعض المعلومات فقد شارك في مجزرة البيضة في بانياس.
هذا جزء من عقلية الشبيحة التي رباها حافظ الأسد وأخوه رفعت، والتي تفتك بالسوريين كل يوم.

هذا جزء يسير مما ثار السوريون عليه وهذا ما يدفعون دمهم يومياً في سبيل الخلاص منه وطي صفحته، وبناء مستقبل أفضل لهم ولأطفالهم.

علِّق