No votes yet
عدد القراءات: 8540

كيف عايشت سارة ست سنوات من الحرب في سورية؟

الكاتب الأصلي: 
Tagesspiegel online
تاريخ النشر: 
24 آذار (مارس), 2017
اللغة الأصلية: 

الصورة: ندرة الطعام وتكلفته الباهظة في منطقة الغوطة، دفعت الناس هناك لمحاولة زراعة الخضروات بأنفسهم. تصوير: أمير مر المحباني/ آ ف بي

 

قبل ست سنوات بالضبط بدأت في سوريا الانتفاضة ضد بشار اﻷسد. وأصبح النزاع الدائر هناك الأشد كارثية في القرن الواحد والعشرين إلى حد اﻵن، والذي يستمر بالفعل لمدة تجاوز مدة الحرب العالمية الثانية. ما هي طبيعة الحياة في بلد ينتشر فيه الموت والعنف والمعاناة  ﻷكثر من خمسين ألف ساعة منذ بداية الحرب؟ ما مدى تأثير الرعب والخوف في نفوس الناس؟ هنا طرح تحرير ( تاغيس شبيغيل) أسئلة على سارة (اسم مستعار) والتي تعيش في الغوطة، المنطقة المتاخمة للعاصمة دمشق، هنا نوثق إجاباتها:

حياتي تشبه حياة جميع سكان الغوطة، نحن نعيش تحت الحصار في سجن كبير.

صبغت حياتنا اليومية بلون قاتم منذ ست سنوات مترافقاً مع الموت، منذ أن قامت أولى المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام قُتل الكثير من المتظاهرين. من المؤلم بشكل فظيع أن تشاهد موت الناس أمام عينيك دون أن تستطيع فعل أي شيء، وخاصة إذا كان أحد الأقارب أو الجيران .

تغير كل شيء فجأة، اضطررنا إلى الهروب من منازلنا واللجوء إلى أماكن لم نتصور يوماً أن نعيش فيها، امتلأت المدارس والمساجد  بالناس، لم يكن هناك منفذاً آخر إلا بالهرب من الموت إلى أي مكان، الموت الذي تربّص بعائلتك وبالناس الذين تحب.

 

واصلنا وكأن شيئاً لم يحدث

لم نكن نجرؤ على الذهاب إلى دمشق، لأنهم كانوا يعتقلون الناس هناك دون تمييز، وخاصة إذا كنت قادما من الغوطة. كلما هدأت الأوضاع، حتى ولو لوقت قصير، كنا نعود إلى منازلنا المدمرة ونبدأ بإعادة بنائها كأن شيئا لم يحدث .

على الرغم من إرهاقنا وخوفنا من المجهول، لم نتخلَّ عن الأمل بحياة أفضل في ظل وطن لا مكان فيه لبشار الأسد، حتى بعد ست سنوات من بدء الانتفاضة لا زال لدينا هذا الأمل، صحيح أن النظام هجّرنا من بيوتنا أكثر من مرة، وسواء كنا على قيد الحياة أو الموت فإننا نعاني علاوة على ذلك من الحصار الخانق من قبل النظام، لقد حول الغوطة إلى سجن كبير.

 

سياسة التجويع

حدث هذا في عام 2013، الذي يعد أسوأ عام على الإطلاق. كنت أخرج في الصباح الباكر من المنزل وأشاهد المعاناة في الشوارع، لم يكن لدى الناس ما يأكلونه، ولا حتى الخبز. لقد كانت المحلات فارغة.. بدا التعب على الجميع، كنت أذهب صباحا إلى العمل ويتملكني شعور كئيب، أحياناً ما يجد الضحك طريقه إليّ حين أشاهد لعب الأطفال الأبرياء، لكنهم سرعان ما فقدوا قواهم من الجوع، لقد عجز الجميع عن مساعدتهم. لقد كانت هذه أسوأ أوقات يمكن للمرء أن يعيشها.

وإذا توفرت في بعض البيوت بعض المؤن فإنها لا تسد حاجة الفرد، معظمها كانت من الخضروات التي تسلق في الماء والملح. كنا نصنع الخبز من الأشياء غير الصالحة للأكل مثل العلف الحيواني، لمجرد البقاء على قيد الحياة. كنا نأكل ببطء شديد كي نتوهم بأننا شبعنا.. لقد كانت حصة الفرد من الطعام بالكاد تمكنه من الحركة في اليوم التالي.

على هذه الحال قضينا مدة عام كامل، وقتل كثير من الناس في ذلك الوقت - فمنهم من مات جوعاً أو مرضاً مع انعدام العلاج، أو نتيجة لقصف النظام.

 

الأنفاق في مواجهة الأزمة

في نهاية هذا العام البائس تم حفر الأنفاق التي ربطت الغوطة مع العاصمة دمشق. وأخيراً بعد وقت طويل توفر الغذاء والدواء. لقد بثت هذه الأنفاق الروح في حياتنا، ونشأ الأمل بغد أفضل، وعلى الرغم من القصف المستمر كنا لانزال نستطيع الضحك والعيش.

بعد ذلك تم تدمير الأنفاق عن طريق الضربات الجوية، وقع المزيد من الدمار وازداد عدد الوفيات عن أي وقت مضى. الأسوأ من ذلك كله، حين يتم قصف المنازل والناس نائمون، حيث يستيقظ الناس على أصوات التفجيرات ويتملّكهم ذعر بموت أحد الأشخاص الذين يحبونهم، وحين تتحقق المخاوف، تقول لنفسك: اليوم مات هو وغدا الدور علي.

 

يعد الحطب في الغوطة من الأشياء التي تشكل حاجة ماسة للناس. تصوير: بسام خبية/رويترز

 

من المؤلم أن يعيش المرء هنا على الحلم بعيش حياة طبيعية،  الزواج وإنجاب الأطفال. فإن من لديه طفل قد يندم لأنه جلبه إلى هذا الجحيم. فضلاً عن حلم تكوين أسرة فقد حرم الناس في الغوطة من حق الحياة.

 

الأماني بعيش حياة طبيعية

كيف يمكن تحمل كل هذا؟ إنه سؤال صعب لا أجد له إجابة. أعتقد أنه حين تكون محاطاً بالناس الذين تحب وتعرف بأنهم لا يزالون بخير، إن ذلك يساعد كثيراً على الصبر. إن سماع ضحكة ابنتي ورؤية البريق في عينيها يمنحني الأمل ويجعلني أنسى الكثير من  المصائب، وأيضا عملي مع النساء يجعلني سعيدة جداً، لأننا نقاتل معاً في سبيل عيش حياة طبيعية.

آمل كثيراً أن تنتهي هذه الحرب وأن نستعيد نحن السوريين حقوقنا من بشار الأسد، وأن نعيد بناء وطننا على أساس ديمقراطية حقيقية.

علِّق

المنشورات: 37
القراءات: 330292