صورة eiad
نشرت في .November 10, 2014
الناشر تاريخ النشر الكاتب ترجمة الرابط الأصلي للمادة
The New York Times ANNE BARNARD Salam اضغط هنا

رغم عداوتهما الظاهرة إلا أن حزب الله والولايات المتحدة يسعيان لتحقيق هدف واحد

هما عدوان لدودان يصران على أنهما لن يعملا معاً أبداً، لكنّ ما يحصل على أرض الواقع هو أن حزب الله والولايات المتحدة الأميركية يسعيان –ولو بشكل منفصل– للوصول إلى هدف مشترك: وهو منع تنظيم “الدولة الإسلامية” من الانتقال إلى لبنان، حيث يعتبر حزب الله أقوى تنظيم مسلح ولاعب سياسي على الساحة اللبنانية والذي أصبح الآن يشترك مع واشنطن في الرغبة للحفاظ على الاستقرار في لبنان.

بعد أسابيع من مساهمة حزب الله “المليشيا الشيعية والحزب السياسي” في إيقاف هجوم الدولة الإسلامية على مدينة " عرسال " على الحدود اللبنانية، بدأت أسلحة أمريكية جديدة تصل لمساعدة الجيش اللبناني، الذي يعمل بدوره بالتنسيق مع حزب الله بغية تأمين الحدود. ووفقاً لخبراء لبنانيين في حزب الله، فإن تنسيق المخابرات الأميركية مع الجيش اللبناني قد ساعد المنظمة "حزب الله"على إيقاف هجمات انتحارية ضد معاقله في جنوب بيروت.

ووفقاً ل "محمد عفيف " الذي عين مؤخراً رئيساً للعلاقات العامة لحزب الله والمستشار الشخصي لحسن نصر الله فإن "من مصلحة المجتمع الدولي عزل الأزمة السورية" وقد جاء كلامه هذا في اجتماع غير رسمي استمر لمدة ساعة، ألقى فيه الضوء على وجهة نظر الحزب بشبكة المصالح والتحالفات المتناقضة فيما يتعلق بالحرب الأهلية في سوريا .والتي ازدادت في ضوء تفكير الرئيس أوباما توسيع حملته ضد الدولة الإسلامية إلى سوريا.

وأضاف السيد عفيف أن "من مصلحة الجميع الحفاظ على السلام" في لبنان ولكنه أردف "كل بطريقته الخاصة".

وهنالك مؤشرات تقول بأن حزب الله، والذي تدرجه الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، يرى الهجمات ضد الدولة الإسلامية فرصة يكسب فيها الشرعية ليظهر بمظهر من يقف ضد الإرهاب .

 

وأضاف السيد عفيف المدير السابق لقناة الم نار التابعة لحزب الله: "يجب علينا فتح صفحة جديدة مع الإعلام العالمي ومع العرب والعالم ككل" ويبدو أنه قد بدأ هذه العملية بنفسه حيث يعد أول مسؤول رفيع من الحزب يتحدث منذ سنوات مع نيويورك تايمز حديثاً مطولاً في المكتب الأنيق والجديد للعلاقات الإعلامية الخارجية الخاص بالحزب.

ومن الملاحظ أن البناء نفسه يوحي باهتمام جديد في عملية التواصل فمكاتب هذه الإدارة كانت صغيرة ومتلاصقة وهي تختلف تماماً عن الأستوديوهات الأنيقة والمتألقة لوسائل إعلام الحزب التي يخاطب عبرها أتباعه مباشرةً.

ولكن في الوقت الحالي، يتابع الحزب عن كثب وبأناة ما تفعله الولايات المتحدة لدحر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

ووفقاً لمحللين لبنانيين على اتصال مع الحزب فإن الأخير وإن كان ينظر بعين الريبة إلى النوايا الأميركية فإنه ينتظر ليرى كيف سيستفيد من القوة النارية التي تستخدمها الولايات المتحدة ضد أحد أخطر الأعداء الذين واجههم الحزب منذ سنوات.

ووفقاً ل" علي رزق " الخبير بشؤون حزب الله والذي قام بترجمة بعض من خطابات السيد حسن نصر الله لصالح قناة الميادين فإن "ما يريد الحزب أن يراه هو حملة عسكرية أميركية حقيقة وصادقة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية" و أضاف قائلاً "يجب أن نؤكد على كلمة حقيقية".

ولأن الولايات المتحدة وحزب الله يملكان مواقف متضادة في ما يتعلق بإسرائيل و قضايا المنطقة الأخرى فهما يرفضان مجرد التلميح إلى أي شكل من أشكال التحالف بينهما. وعلى الأخص فيما يتعلق بسوريا حيث يدين كلاهما المتطرفين ولكن أهدافهما ووجهات نظرهما تفترق بشدة في المجالات الأوسع.

فحزب الله يعد حليفاً لا غنى عنه في أرض المعركة للرئيس السوري بشار الأسد والذي قام بدوره بتأمين قناة هامة لوصول الأسلحة لحزب الله من إيران. أما الولايات المتحدة فهي تحشد المساعدات للمتمردين المعتدلين نسبياً لإسقاط حكم الأسد وتصر على أنها لن تتعاون معه ولا مع حليفيه"  إيران وحزب الله".

وقد أكد السيد " عفيف " أن المسؤولين السوريين سينظرون إلى أية هجمات تتم من قبل الولايات المتحدة دون تنسيق معهم على أنها عمل عدائي، وأن حزب الله يرفض مشاركة لبنان في تحالف تقوده الولايات المتحدة ولكنه أضاف "بالطبع فإن سوريا سوف تستفيد من الضربات الموجهة ضد الجماعات الإرهابية".

وقد تحدث عن عودة الولايات المتحدة أخيرا للتصرف بمنطقية في ما يتعلق بخطر التطرف في سوريا، وعلى الرغم من أن النزاع في سوريا بدأ بمظاهرات و" بمجرد مطالب" حسب تعبيره، فإن بوادر التطرف ظهرت باكراً، وقد تم تحريضها من خلال رغبة الغرب التخلص من السيد الأسد.

"كنا نصرخ "إرهاب، إرهاب،إرهاب" ولم يصدقنا أحد" وعقب السيد عفيف " لاحقاً، توصلوا إلى أنها هي الحقيقة".

وأضاف موجهاً حديثه للأمريكان "هذا الوحش الذي قمتم بتربيته، كما في الحالات السابقة، اكتشفتم أنه خطر عليكم".

وعلى الرغم من رفض حزب الله التأثير الأمريكي، فإن أولويته في الوقت الحالي وفقا للمحللين، هي هزيمة الدولة الإسلامية. التي صعق مقاتلوها الغرب عندما قاموا بقطع رؤوس مواطنين أمريكيين وآخر بريطاني، ولكنهم أيضاً أعدموا العديد من الشيعة الذين يعتبرونهم مرتدين يستحقون الموت. وحالياً يقوم تنظيم الدولة الإسلامية بفتح قنوات ضمن المناطق السنية المهمشة والفقيرة في لبنان، البلد الذي يتميز بتنوع وانطلاق ثقافي متميز حيث تشكل تجمعات الشيعة وأعداد المسيحيين الكبيرة أهدافا مغرية للدولة.

وهذا الاحتمال يؤرق كلاً من حزب الله والغرب الذي جعل منذ فترة طويلة من لبنان مركزاً لإهتمامه.

ويقول المحللون إن أحد أهم مخاوف حزب الله هو أن الجهود الأميركية، التي تحالف المملكة العربية السعودية والتي يعتبرها الحزب داعية للتطرف، لن تكون جدية بما فيه الكفاية. وهنا يلتقي الحزب مع الرأي الرسمي السوري الذي يتساءل ما إذا كانت النية الحقيقية من وراء هذه الهجمات هي الهجوم على قوات الأسد.

وكما يقول " كامل وزنة"، المحلل المختص بدراسة سياسات حزب الله والولايات المتحدة الأميركية "إنهم لا يعتمدون على الأمريكيين".

ولكن السيد رزق أكد على أن دخول الولايات المتحدة إلى هذا النزاع لن يكون مجرد تعاون بالنتيجة مع حزب الله بل يمكن أن يمتد ليشمل التنسيق الفعلي السري من خلال وسطاء كقوات الأمن العراقية مثلاً.

وأشار إلى أن أحد أرفع المسؤولين الأمنيين العراقيين قام بزيارة دمشق أثناء محاولة الولايات المتحدة حشد الدعم لبناء تحالفها ضد الدولة الإسلامية، كما أن الأمريكيين قاموا بدعم الأكراد في العراق الذين بدورهم يعملون بالتنسيق مع جماعات شيعية مدعومة إيرانياً.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة غير قادرة على التحالف مع حزب الله كي لا تغضب حلفاءها وكي لا تظهر بمظهر المتحالف ضد الأكثرية السنية في سوريا بشكل علني، إلا أن السيد رزق يرى أن "ما يجري تحت الطاولة هو شيء مختلف تماماً".

وأردف السيد رزق أنه بينما تحلق الطائرات الأمريكية بدون طيار في السماء ويحارب مقاتلو حزب الله على الأرض، يمكن للطرفين أن يزعما أن ما يحدث "ليس تنسيقاً رسمياً بينهما بل مجرد طرفين يعملان بطريقتين مختلفتين لتحقيق هدف واحد".

وبرأي السيد رزق " في حال وجهت الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، فإن حزب الله سيرحب بها ولو كان ذلك بشكل غير علني".

ويلقي معارضو الأسد اللوم على تدخل حزب الله إلى جانب الحكومة السوية ضد الانتفاضة التي تتسم بأنها سنية بشكل رئيسي، معتبرين أن هذا التدخل أدى إلى استعار التوتر الطائفي وتغذية التطرف السني. ويضيفون أن حكومة الأسد القمعية هي المغناطيس الجاذب للجهاديين نحو سوريا، ولكن في الوقت نفسه، فإن الولايات المتحدة تواجه صعوبات بإقناع المعارضة بمحاربة الدولة الإسلامية عوضاً عن الأسد.

أما داعمو حزب الله فيقولون أن لا أحد سوى الحزب، بالتعاون مع الأسد وإيران، يمكن الاعتماد عليه لمحاربة المتطرفين، لكونه من الشيعة، الأقلية المسلمة الضعيفة. ويوماً بعد يوم يزداد شعور المقاتلين الداعمين للحكومة السورية من الذين ينتمون للأقلية العلوية التي تشكل القاعدة الرئيسية الأسد بأنهم جزء من الطائفة الشيعية  فغدو يركزون على هويتهم الدينية الشيعية من خلال استخدام رموز وشعارات دينية شيعية إلى جانب الأعلام السورية.

وقد سبق لحزب الله أن اصطدم مع مقاتلي الدولة الإسلامية مرات قليلة في سوريا أثناء قتاله حول دمشق وقرب الحدود اللبنانية وهي مناطق يقل فيها وجود الدولة الإسلامية، ولكنه تصادم كثيراً مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة بالإضافة إلى متمردين سوريين أقل تطرفاً.

ووفقاً للمحللين فإن حزب الله يمكن أن ينقل مقاتليه نحو الشرق ليواجه الدولة الإسلامية في عقر دارها ولكنهم حسب رأي السيد رزق سيحافظون على القيام بدورهم بشكل هادئ وتصوير أن معظم القتال تقوم به قوات سورية.

ويقول السيد وزنة أن الولايات المتحدة بعد أن قررت أن الجماعات السنية الجهادية هي مصدر الخطر الأكبر في سوريا، عليها أن تعيد النظر في وضع حزب الله الذي "لا يشكل خطراً داهماً على العالم " ويضيف "إن الحزب يشكل تهديداً ضد إسرائيل كما أن إسرائيل تشكل تهديداً ضد لبنان، ولكن حزب الله لن يهدد الولايات المتحدة أو أوروبا، ولا يوجد أحد يدعي أن حزب الله يقوم بقطع الرؤوس".

تصحيح من المجلة: في مقال يوم الاثنين حول الطرق التي تستخدمها الولايات المتحدة وحزب الله لهزيمة الدولة الإسلامية، رغم كونهما أعداءً منذ فترة طويلة، تمت الإشارة خطأً إلى وظيفة علي رزق، الخبير في شؤون حزب الله، في القناة الفضائية اللبنانية الميادين. وقد عمل مترجماً وليس محللاً في الشبكة. كما وصفت المقالة أيضاً نسبة الشيعة من سكان لبنان بشكل غير صحيح. فالشيعة يشكلون نسبة كبيرة في البلاد، وليس الأغلبية.

  • ANNE BARNARD

علِّق