نشرت في .June 29, 2015

 

* صالح ملص

بعيدا عن البرود الممل والمكرر الذي يُحيط بالأعمال الشامية والأعمال العربية المشتركة والتنافسية، يطل علينا "غدا نلتقي" في ليصبح عراب الدراما السورية لهذا الموسم الرمضاني، يجسد العمل التغريبة السورية ومأساة نزوح عدد  كبي من السوريين إلى الجارة اللبنانية.

رغم تناول الدراما السورية في السنوات الأربع الماضية ملف اللاجئين السوريين، إلا أن هذا المسلسل جعل النزوح السوري محوره الأساسي  الذي يستند عليه النص الدرامي الاحترافي الذي كتبه إياد أبو الشامات ورامي حنا بقلم يحاكي الشارع وأخرجه الأخير بصورة إبداعية، ابتعد عن الانحياز لرأي سياسي معين واقترب إلى الواقعية وضم كل معايير المهنية والموضعية التي اشتاق المشاهد أن يراها في المواسم السابقة.

يعرض لنا العمل عدة صور ومشاهد متجانسة ومتفرقة، تتضمن تناقضاً بالآراء والأفكار تماثل حالة الشارع السوري. تُدخلنا الحلقات الأولى في تفاصيل يوميات العائلات السورية النازحة في منطقة الأشرفية الواقعة في قلب العاصمة اللبنانية بيروت؛ نشاهد جابر (مكسيم خليل) بائع الأقراص المدمجة في شوارع بيروت وشقيقه محمود (عبدالمنعم عمايري) الشاعر وكاتب المقالات، والشجار الذي تخلقه الانقسامات السياسية بين الأخوين في الحلقة السادسة نتج عن تراكمات تدور يومياً بين الموالي والمعارض، يعاني أبو عبدو (عبدالهادي صباغ) قساوة ومرارة النزوح باحثا عن وسيلة تقوده هو وعائلته للهجرة إلى السويد، و طريقة حديثه عن الهجرة التي تحدث في كل لحظة داخل البيوت السورية، والكثير من الشخصيات التي تعيش داخل بناء قديم وبسيط تعلق أحلامها على حبل الأمل.

اتهم "غدا نلتقي" بالعنصرية من قبل قناة MTV، حيث أعدت القناة اللبنانية تقريرا في النشرة الاخبارية الذي أعده أو أعدته مجهول/ة يوم الثلاثاء ٢٣ حزيران/ يونيو، أن المسلسل الذي يعرض على قناة LBCI" صُوّر في لبنان، ويحمل في طياته مشاهد تتهم اللبنانيين بالعنصرية والتعصب والتمييز ضد الشعب السوري"، هذا الاتهام الذي وصفه الكاتب أبو الشامات بالمثير للسخرية كان نتاجاً لمشهد وردة  (كاريس بشار) التي تعمل في غسل الأموات مع الشاعر محمود، التي قالت فيه إنها لا تحب فيروز، بل تفضل السماع لـ"وردة وأم كلثوم وراغب علامة".

غدا نلتقي، عمل درامي شيق، أظهر إياد السيناريست السوري المبدع  ورؤية رامي حنا الإخراجية المحترفة.

لا تصرخ من غيابات سجنك لتلعن العتمة... لا تتقيأ أوجاعك المبعثرة على أعتاب الرحمة... فلن تخرق توسلاتك أحداق العالم الأعمى... لن يبصر حواف ثغرك المدمّى...  ولن ينتفض في وجه دساتيره الهرمة...  فقط انفض عن جناحيك شذرات الرماد... اخلع عن كاحليك ندبات الأصفاد... واغمد سيفك المطلي بقهرك في محجري الأوغاد...
ومزق بكفيك المطوقين بالأغلال ظلمات الأكفان... انبش براحتيك تراب لحدك المعفر بصمت الحملان... واملأ بصراخك المعبد بجراحك... "أنا إنسان"... أسمع العالم الفاجر صدى الرعد في فؤادك..."أنا إنسان"... أيقظ بهديرك الملتهب حمم البركان... واصرخ، أنا إنسان... خلقت من نسل أبي البشر "آدم"... لا نسل وحش القرداحة "سليمان"...  "أنا إنسان"...

علِّق