نشرت في .June 04, 2015

عقد حزب التحرير مؤخرا مؤتمر الخلافة في إدلب، وذلك بعد الانتصارات الأخيرة لجيش الفتح الذي يتكون من عدة فصائل مقاتلة تقودها جبهة النصرة، وقد أشيع في الفترة الأخيرة أن جبهة النصرة سوف تعلن فك ارتباطها وإلغاء بيعتها لتنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري.

ثم كانت المفاجأة في مقابلة الجولاني مع قناة الجزيرة أعلن فيها أنه متمسك أكثر ببيعته لتظيم القاعدة! ولكن مع لهجة أكثر نعومة بما يخص التعامل مع الأقليات وقوانين المجتمع الدولي.
نعود لمؤتمر حزب التحرير الذي ما كان من الممكن عقده إلا تحت حماية ورعاية مناطق سيطرة جبهة النصرة، حيث يشترك هؤلاء بالإيمان بفكرة تقول أن الخلافة الإسلامية هي ركن أركان الإسلام! ، وهذا الاعتقاد المتطرف مخالف لتعاليم الإسلام التي تضع أركان الإسلام الخمسة في المقدمة، وتضع الخلافة واجبة الإقامة عند المقدرة على ذلك، ومن خلال إصلاح المجتمع وليس الانقلابات والأعمال العسكرية.
فما مدى حجم تأثير فكر حزب التحرير في ظهور داعش وجبهة النصرة في سوريا؟
البعض يقيسون عدد أعضاء هذا الحزب بأنهم قلة، ويقيسون النشاطات العلنية لهذا الحزب مثل هذا المؤتمر بأنها قليلة بالمقارنة بأنشطة جبهة النصرة، فيستنتجون أنه حزب هامشي لا تأثير له، وهذا غير دقيق، فهذا الحزب تأثيره فيروسي بنشر أفكاره وليس بالانتماء التنظيمي، وهو ينشط أكثر في الساحات المستورة وليس العلنية، وأما في الأعمال العسكرية فهو نموذج ما يسمى تاريخيا "الخوارج القعدة" الذين يحرضون غيرهم على الخروج والقتال ولا يفعلون ذلك بأنفسهم، وقد عدّهم العلماء أشد خطراً من خطر الخوارج العلنيين، ذلك أن عمل الخوارج القعدة سري ويصعب إثبات نشطاهم على عكس ما ترتكبه داعش علانية، بينما هم في الحقيقة المصنع الفكري الذي تخرجت منه القاعدة وجبهة النصرة وداعش.
فكرة حزب التحرير الرئيسية هي إقامة الخلافة، فالخلافة هي دينه وهي إلهه! وهو أول صاحب لهذه الفكرة المغالية في هذا العصر، وأثره غير المباشر في العقود الماضية كان الأكبر في تكريس هذه الفكرة في أدبيات المسلمين، و التي تبقى الأصل والأب الفكري لأدبيات الحركات الإسلامية الجهادية.
إذا كنا نقر جميعنا بأن فكرة تكفير الحكام والهوس بإقامة الخلافة الراشدة -هذه الفكرة المعششة في عقل معظم المسلمين- لا نعرف لها اصلاً مباشراً غير ما اكتسبناه في كتب التراث الإسلامي، إلا أن (التحريريين) هم من أخرجوا الخلافة من كتب التاريخ وحولوها إلى مشروع تسلل بطرق شتى إلى أدبيات المسلمين في عصرنا هذا.
إن حزب التحرير يعتمد على قاعدة "قليل دائم خير من كثير منقطع"، التي تشابه قاعدة تأثير الفراشة، و التي تقول بأن "استمرار رفرفة جناحي فراشة صغيرة لمدة طويلة باستمرار يؤدي نهاية الأمر إلى إعصار مدمر"، وها هو إعصار داعش هو نتاج عقود من العمل الفكري الصبور من قبل حزب التحرير.

علِّق