عدد القراءات: 2582

الحل السياسي السوري لا يمكن تحقيقه من خلال رهان القوة الروسي

 

* لؤي صافي

لؤي صافي.jpg

 

استفادت روسيا من تناقضات الموقف الغربي تجاه الشعب السوري وثورته، واستطاعت عبر تفاهمات غير معلنة، ولكنها واضحة من ردود أفعال الإدارة الأمريكية وحلفائها الغربيين، من الدخول إلى الساحة السورية بتدخلها القبيح. الغرب لا يرغب في دعم تحول ديمقراطي في سورية لأسباب عديدة، تتعلق بالشعارات الدينية التي ترفعها القوى المقاتلة من جهة، وللمخاوف الإسرائيلية من قيام أنظمة سياسية تعبر عن الإرادة الشعبية في المنطقة.

 

لكن روسيا لن تتمكن من حماية النظام بالتعويل على الحسم العسكري، والاعتماد على قواتها العسكرية لفرض نظام الأسد المجرم على الشعب السوري، بل ستساهم في تعقيد الأمور إقليميا ودوليا، كما أظهرت المواجهات الأخيرة بين الطيران التركي والروسي. التصعيد الروسي في سورية خطأ استراتيجي، وإذا استمر فستكون له تداعيات خطيرة تتجاوز أمن دون المشرق العربي إلى الداخل الروسي نتيجة للوضع الاقتصادي المتردي في روسيا، وسعي حكومة بوتين إلى ربط الواقع السوري بواقع الجمهوريات الإسلامية في الاتحاد الروسي. التدخل الروسي سيولد تداعيات أيضا على دول حلف الناتو التي تشكل تركيا أحد أهم أجنحته.

الحكومة التركية، بعد فشل مساعيها للوصول إلى تفاهم مع القيادة الروسية للابتعاد عن المناطق الخاضعة للمعارضة العسكرية السورية، قررت توجيه رسالة إلى روسيا واختبار التزام حلف الناتو بدعم حقها في تأكيد سيادتها والدفاع عن حدودها. الخيارات الروسية للرد محدودة بين التصعيد الذي يمكن أن يقود إلى صراع يشمل أطرافا جديدة لا يمكن احتوائه أو التنبؤ بنتائجه من جهة، أو إعادة النظر باستراتيجيتها في سورية. لكن من المستبعد أن يقوم بوتن باتخاذ الخيار الصحيح ما لم يتحرك حلفاء تركيا العسكريين بصورة مختلفة تماما عن تحركاتهم خلال السنوات الأربع الماضية.

السوريون ودول المنطقة يدفعون ثمن المقاربات الحمقاء والآفاق المحدودة للتعاطي مع الملف السوري. السعي لفرض الإرادة الخارجية على منطقة المشرق والمنطقة العربية عموما عبر توسيع الحرب على الإرهاب لتشمل قوى وطنية خالصة، كما تفعل روسيا اليوم، سيرفع ثمن السياسات الخارجية الحمقاء للدول الكبرى لأنه سيمكن القوى المتشددة المعادية للمنظومة العالمية، وسيضعف كل القوى الوطنية التي ترغب في الحفاظ على السلام العالمي دون التفريط بحقوقها الوطنية.

الخيار الوحيد الذي يملكه السوريون اليوم هو الصمود والاستمرار في جهودهم لإضعاف نظام الأسد وإسقاطه. فلا حياة كريمة متاحة طالما بقي هذا النظام المجرم الذي فرط بحقوق شعبه وباع نفسه لكل طامع في الهيمنة على سورية من أجل البقاء عالة على الشعب وحملا ثقيلا على صدور السوريين.

 

 

علِّق