من سوريا الى فتح الشام.. كان الله في عون السوريين..!!

قد يكون من الصعب التعيبر عن قتامة المشهد في سوريا هذه الايام و خطورتها على مستقبل هذا البلد و هذا ليس من باب اليأس و القنوط و لكنه ينتج من الرؤية الواقعية لما يجري على الارض.

في هذه الظروف الحرجة يدرك الجولاني اكثر من اي وقت مضى اهمية توحيد الكتائب المقاتلة في سوريا حين تكلم عن ضرورة توحيد السنة في سوريا، وهو شئ تكلم فيه الكثيرون قبله و لكن بدا ذلك الامر شيئا مستحيل التحقيق، ربما لان من تكلموا و حاولوا من قبل لم يكن عندهم الحافز القوي او القوة الفعلية لتحقيق ذلك قسرا ان لزم الامر،  و لكن قد يتمكن الجولاني من تحقيق ذلك الهدف لتوافرعدة اسباب،  و سيكون تحت مسمى حماية السنة في سوريا - على الرغم ان النصرة كانت دائما تقاوم الانضمام لبقية الفصائل بحجج متنوعة - و لكن استهدافها اسميا وضعها في مكان صعب فبدأت اجراء بعض التعديلات في محاولة لابداء بعض المرونة،  و منها اعلان فك ارتباطها المباشر مع منظمة القاعدة "الرسمية" و تغيير الاسم غير انه من الواضح ان الدول الكبرى لن يقنعها تغيير الاسم و ستظل تستهدف النصرة ( او فتح الشام) بغض النظر عن اسمها الحاضر.

 

حاليا بقية الفصائل تضامنت مع فتح الشام و دافعت عنها، و لكن الجولاني يعلم ان دفاع بقية الفصائل و تضامنها مع فتح الشام الآن لا يمكن التعويل عليه كثيرا، نظرا لاحتمال التغيير الذي يمكن ان يحدث لعدة اسباب و يبقى عنده احتمالان:

- اولهما هو حل تنظيمه بشكل كامل و الاندماج مع بقية الفصائل التي لا تحمل تهمة التطرف، وهذا الامر يعني تخلي فتح الشام عن برنامجها في سوريا، ويعني أيضاً من وجهة نظرها خسارة فرصة كبيرة لإنشاء نموذج فعلي للفكر الجهادي على الارض من الصعب تعويضها.

- الاحتمال الثاني هو "توحيد الفصائل السنية" في فصيل واحد، و الارجح ان يتم هذا التوحيد بالقوة العسكرية،  وهو امر كان يسير بالقضم التدريجي الحذر منذ فترة، حيث يبدأ استهداف مجموعة معينة بالتخوين و الفتاوى و التكفير و ربما "بتحييد" القيادات الفاعلة،  ثم يتم الانقضاض على تلك المجموعة بالهجوم الفعلي و الاستيلاء على سلاحها، و ضم معظم مقاتليها و من يرفض فيكون مصيره الموت او الهرب، و لكن نتيجة الحملة الدولية القوية التي تصاعدت ضد فتح الشام بشكل كبير هذه الايام،  فالارجح ان تشهد عملية "التوحيد" تسارعا كبيرا، و قد يكون لها تاييد شعبي كبير كون الناس تعبت من وجود كيانات متعددة لا تستطيع الاتفاق فيما بينها، و ليس لها فرصة في  الصمود بشكلها الحالي في معركة وجودية .

 

و مع ان التدخل التركي في الشمال قد يسبب بعض الصعوبات، الا ان الاتراك على الارجح سيغادرون عند التأكد من طرد القوى الكردية التي تؤرقهم و سيتركون الفصائل التي قاتلت لهم،  و الارجح ان فتح الشام ستتمكن من "استيعاب" تلك الفصائل مع اسلحتهم التي ستكون حافزا قويا.

الفكرة التي تعول عليها فتح الشام هي ان المجتمع الدولي لن يبيد المركب السني في سوريا اذا بدا كيانا واحدا متماسكا، حتى لو كانت فتح الشام تمثله، و ستتمكن فتح الشام من فرض واقع جديد على الارض لا مناص للقوى الدولية من التعامل معه، و بذلك تكتسب الشرعية التي تمكنها من البقاء بل الانتعاش و ربما تمثيل كل سوريا.

و رغم ان هذا الاحتمال موجود لكنه ضئيل جدا، و الاحتمال الارجح - بناء على كل المؤشرات الواقعية - يقول بأن افناء الوجود السني لن يكون مشكلة كبيرة و هناك اجماع عالمي،  وحتى من قبل اقطاب متضادة مثل روسيا و امريكا على ضرب اي مجموعة تم وصفها بالارهاب، و هو الوصف الذي تقع تحته فتح الشام،  و لن يكون هناك صعوبة في تبرير الاستمرار في عملية الاستئصال مهما كانت الحاضنة لها كبيرة، وهكذا يمكن ان يتم تدمير المركب السني بشكل كامل او قريب من ذلك بسهولة نسبية، و لا شئ يبدو في الافق يستطيع منع ذلك من الحدوث و هذا يعني ان التترس بالشعب السوري السني لن يحميهم و اكثر من ذلك فقد ينهي وجودهم بشكل نهائي.

الأمر الآخر الذي ينتج من تصور فتح الشام هو ان طرحهم يكرس و بشكل نهائي فكرة تقسيم سوريا لانه ليس مشروعا وطنيا، بل كيان للسنة و من البديهي ان يطالب الآخرون بكياناتهم الطائفية، و هذا سيكون آخر مسمار في نعش وجود اي وطن سوري في المستقبل، و كان الله في عون السوريين المظلومين.

علِّق